رأيك في المدونات ؟

الأربعاء، 3 مايو 2017

قصة صحفية

ياسمين.. عشرينية تصل بشغفها لطريق النجومية 

كتبت:الاء محمود، بنان اعمير، روز بشارة.

من هنا تبدأ الحكاية ياسمين قوزح -24 عاماً- أنشأت لنفسها مملكة يعمها الإبداع والموهبة حدودها الألوان والأقلام، جدرانها الرسومات والأشكال، حراسها تلك الافكار التي تزورها بين الحين والآخر لتزيد من إبداعها إبداعاً.
كبرت ياسمين ونمت وأزهرت كالأقحوان من كلية الفنون في جامعة النجاح الوطنية وتحديداً من قسم التصميم والديكور لتنشر عبق موهبتها في أرجاء الجامعة وخارجها بلوحات تحاكي الواقع بلمسات إبداعية فنية متميزة وفريدة تسلب عقول من يراها وتسرق قلوبهم حتى تكاد لا تغادر أذهانهم.
ياسمين موهوبة بالفطرة، أيقنت أن الله حباها موهبة ثمينة تميزت بها عن غيرها فأبت أن تتركها للنسيان بل اجتهدت وجدّت حتى أصبحت ممن يشار إليهم بالبنان في عالم الفنون والجمال.

الطفولة.. لعبٌ ولهوٌ وموهبة!
بينما هي تداعب لوحاتها الفنية وتنتقل بين اللوحة والأخرى بابتسامة ساحرة تخفي الكثير من الحب لعملها, تسترخي قليلاً وتسند رأسها للوراء وتتعلق عيناها بسقف الغرفة لتروي لنا بداياتها في عالم الرسم, تقول بكل شغف: "لدي شغف كبير بالرسم منذ طفولتي, أذكر عندما كنت في الصفوف المدرسية الأولى ما إن أرى شخصية كرتونية على شاشة التلفاز حتى أسرع محاولة رسمها, كنت أعقد اتفاق أنا وأمي وأختي الكبيرة إن استطعت رسمها بإتقان سأحصل على نوع من الحلوى المفضلة لي".

تكمل: "أمي هي العمود الداعم لي بكل مراحل حياتي, ليس هي فقط بل جميع أفراد عائلتي, فكان والدي يحضر لي كل يوم مجموعة من الأوراق والأقلام والألوان ويشجعني على مواصلة الرسم وأخي يواصل تشجيعه لي بكلماته الرنانة بأن رسوماتي جميلة وسأصبح مبدعة يوما ما".

شغفها بالرسم والفن لم يستمر طيلة حياتها كما أخبرتنا ففي لحظة ما كان لا بد من إعادة ترتيب الأولويات تقول ياسمين في ذلك: "استمررت بعملية محاول رسم كل ما أشاهده حتى بدأت مرحلة الثانوية العامة فقد انقطعت عن الرسم فترة وجيزة لأنني رغبت بالتركيز أكثر على دراستي وزيادة اجتهادي للحصول على معدل يؤهلني لدخول كلية الفنون, لم يكن أمراً سهلاً في الحقيقة لأنك حينما تعتاد أمراً ما يكون من الصعب تركه أو التخلي عنه حتى لو كان بكامل إرادتك, خاصة وأن الرسم لم يكن مجرد عمل أقوم به لأنهيه وأحصل على عبارات المديح من هذا وذاك, بل كان عالمي الخاص الذي أدخله لأنسى كل ما حولي ولأجدد حيويتي ونشاطي وحبي للحياة, لكن هكذا هي الحياة, في كثير من الأحيان علينا ترتيب أولوياتنا لتحقيق مزيد من النجاح وهذا ما حصل معي بفضل الله".

حتى لا يذهب جهدك أدراج الرياح!
الموهبة فطرة من الله, والحصول عليها أمر يميزك عن غيرك بل يجعل لك بصمتك الفريدة في الحياة لتختلف عن الجميع ولتصبح وجهة الكثير من المعجبين والمشجعين لكن الاكتفاء بما وهبنا الله إياه لن يزيد من نجاحنا وتألقنا, وإهمال الموهبة والاكتفاء بقدرات محدودة أمر يقلل من موهبتها على مر الزمان لذلك لدعم الإبداع وملاحظتها منذ الصغر الكثير من الأثر بل إن العمل على تنميته يزيد من تفردنا وتميزنا وهذا ما أوصل ياسمين إلى ما هي عليه الآن من نجاح مبهر.


تخط خطوطاً بالاتجاهات جميعها على لوحتها الفارغة وتسهب بحديثها: "موهبتي التي كانت بداياتها بسيطة لكن منذ طفولتي دعمها الكثيرين, أولهم عائلتي الصغيرة أبي وأمي وأختي ولاحقاً لوحاتي ورسوماتي لفتت انتباه البعض من عائلتي الكبيرة ك ابن عمي الذي كان له أثر كبير في دعمي حيث تكلم مع أحد أصدقائه في الغربة والذي يدرس الفنون الجميلة ومدحني كثيراً, وأدوات الرسم من أقلام وقرطاسية وألوان كان أبي يحضرها لي دون أن أطلبها فقد كان يلاحظ ما ينقصني ويقوم بشرائها فوراً".

تكمل حديثها: "معلمتي التي لن أنسى فضلها, والتي لم أستطع نسيانها ولا قطع علاقتي بها شجعتني كثيراً, كانت تطلب مني إحضار رسوماتي إلى المدرسة لتشاهدها الطالبات الأخريات ليتعلمن كيفية الرسم الصحيح, وشجعتني كذلك للمشاركة في معارض المدرسة التي كانت على مستوى المحافظة, بل أيضاً عند دخولي الجامعة كانت تطمأن عليّ وتتابع أخباري ورسوماتي من خلال الفيسبوك".

"أنا أعلم جيداً ما معنى أن يدعمك الآخرون, أن تنهال عليك عبارات المديح والإعجاب والحب لرسوماتك وأعمالك الفنية رغم بساطتها, وأحياناً النقد البناء الذي كان يساندني دوماً, كل هذا له وقع على النفس وبالتالي على اللوحة الفنية, لذلك سيكون من اللطف لو يعامل الجميع صاحب الموهبة بهذا الشكل حتى لا تذهب موهبته أدراج الرياح بفعل كلامهم غير اللائق".

الجامعة.. تنمية للموهبة وزيادة للتحدي
الجميع يعلم أن الجامعة مرحلة جديدة مختلفة تماماً عن المراحل السابقة, فهناك أنت واحد من بين الالاف من الطلاب, أما وقد قررت أن تتميز ويظهر اسمك من بين الالاف لتصبح حديث الساعة كما يقولون فعليك بذل الكثير من الجهد لتقنع فئة لا بأس بها بك وبشخصك وبموهبتك وبعملك وبالفكرة التي تعمل لأجلها, سيظهر لك الكثير من الكارهين والحاسدين ربما لكن ماذا سيحدث بعدها! أنت ستقرر ذلك, إما أن تستسلم للصعوبات أو أن تثبت للجميع بأنك أهلٌ لذلك, أما ما حدث مع ياسمين فستخبرنا هي بذلك.

تستمر بوضع بصمتها على لوحتها الفنية وتبدأ حديثها: "بعد نجاحي بالثانوية العامة دخلت كلية الفنون في جامعة النجاح الوطنية قسم الديكور, ومع دخولي أعتاب السنة الدراسية الثانية بدأت مساقات الرسم تساعدني كثيراً في موهبتي فقد بدأت أتعلم الأساسيات بكل حذافيرها وقواعدها الصحيحة ولأنني كنت أرسم سابقاً كان الأمر سهلاً نوعاً ما وهذا كان واضحاً على لوحاتي, كما قال لي الأساتذة, لكن هنا بدأ التحدي الحقيقي, فوجئت بعدد الطلبة المسجلين بالتخصص وبكمية الإبداع عند كل شخص منهم حتى لو لم يكن قد بدأ بالرسم منذ فترة, لكن موهبته قوية جداً ليصبح منافساً لي".

"صديقاتي في التخصص لاحظن عليّ حبي للتميز وللتحديات كذلك, كنت أرهق نفسي في بعض الأحيان لأفوز بالتحدي الأول وأنتقل للتحدي الثاني, ربما سأقول ذلك للمرة الأولى لكن طالباً من التخصص كان مبدعاً بشكل لا يصدق حتى أنا أعجبت برسمه وبأفكاره وجدته المنافس الأول بل ربما الوحيد لي, قررت يوماً أنني لن أبقَ مكتوفة اليدين وأنظر لتميزه الذي يزداد يوماً بعد آخر, بل سأصبح شريكة له في الإبداع وشريكة أيضاً في المديح والإعجاب, اقترحت على أحد أساتذتي خوض تحدٍ فريد من نوعه في رسم إحدى الشخصيات الصعبة ولم يشترك إلا قلة قليلة, جميعهم بقدرات أقل من قدراتي فكان الظاهر أن الفوز حليفي لكن زميلي قرر المشاركة ليدفعني لبذل المزيد من الجهد وساعات العمل على تلك اللوحة الفنية التي ما زالت معلقة في جدران الكلية, انتهى التحدي وانتهت المسابقة بفوزي أنا وزميلي في المرتبة نفسها, لكن حبي للظهور ولإبراز موهبتي دفعني للعمل بجد أكبر وبساعات أطول لأستطيع التغلب عليه وهذا ما حصل لاحقاً".

أحياناً تكون مسابقة ما أو تحدٍ ما بظاهره وبما هو معلوم للعيان بسيط أو عاديّ جداً لكنه لصاحب الشأن لا بد أن يعني الكثير, أي ما يقف وراء التحدي! والذي يكون عادة إثبات لقوة الشخصية والقدرة على التميز بين الكثيرين.

جمال البدايات لا يُنسى..
نسمع عن أول أغنية لذلك المغني المعروف وعن أول لوحة للفنان التشكيلي ذاك وعن أول طبق طعام للشيف العالمي وعن أول خفقة قلب وعن أول كلمة من مولود وعن أول شهادة عليا وعن أول ترقية في العمل, جميعها المرات الأولى تترك أثراً لا يمكن لأي قوة أن تهزّ مكانه في داخل أيّ منّا, وعن مبدعتنا ياسمين كان لأدواتها أثر لا يُنسى جعلته نصب أعينها.

تتوقف عن الحديث لتُشيح وجهها يميناً متأملة الزاوية المقابلة من الغرفة فتقع عيناها على لوحة أشبه بالفارغة إلا من أدوات بسيطة, تخطو خطوات قليلة باتجاهها لتكشف لنا بأن هذه اللوحة تحوي على الأدوات الأولى التي استخدمتها في عملية الرسم, بابتسامتها التي لم تفارق وجهها طيلة حديثنا معها تقول: "يقال أن المرة الأولى من كل شيء لا تُنسى, هذه عبارة أؤمن بها جداً فأنا بدوري أُولي التقدير للأدوات التي رافقتني منذ بداياتي في عملية الرسم, لذلك لمعت في بالي فكرة بأن أضع هذه الأدوات التي تضم أول قلم وفرشاة وممحاة ولون استخدمتهم على لوحة لكي أقدر هذه الأدوات التي أوصلتني إلى هنا وبالتأكيد ستعمل على إيصالي إلى ما هو أكبر, فلولا هذه الأدوات البسيطة ما وصلت لهذه المرحلة".

قصص وحكايات خلف لوحاتها الفنية..
تصحبنا بجولة في أرجاء مرسمها الخاص لتروي لنا قصص رسوماتها, تتوقف قليلاً إلى جانب لوحة رسمت عليها أسير وتقول: "بكل تأكيد أنا لا أنسى أن تكون معاناة الشعب الفلسطيني المحور الأول لموضوع رسوماتي, فمنذ اليوم الأول لإضراب الأسرى بدأت برسم هذه اللوحة لأعبر فيها عن تضامني مع ما يحصل في سجون الاحتلال ولكن بطريقتي الخاصة, هدفي الأول والأخير إيصال فكرة الإضراب لغيري خاصة وأن لديّ متابعين على السوشال ميديا من خارج فلسطين, ربما هذه هي طريقتي الوحيدة للتضامن معهم بعد الدعاء طبعاً".

وعن لوحاتها الأخرى فهناك جيفارا وكاسترو والممثل الكوميدي الأمريكي تشارلي والمغنية فيروز ورسومات كرتونية ورسومات من فيض خيالها عبرت من خلالها عن قضية معينة وعن واقع أليم.

تتحدث عن لوحة أخرى وتقول: "هذه اللوحة رسمتها لأعبر عن الظلم والاضطهاد التي تتعرض له المرأة في مجتمعنا العربي بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص من اعتقادات مغلوطة وأفكار تقيّد حركتها وحريتها لتقلل من شأنها ودورها في المجتمع فمع أننا وصلنا للـ 2017 إلا إن الكثير من الرجال ما زال يعامل المرأة معاملة سيئة زوجة كانت أم ابنة أم أخت وحتى يطال الأمر الأم في بعض الأحيان وقد اشتركت من خلال هذه اللوحة في أحد المعارض الخاصة بالتوعية والإرشاد للمرأة".

وأثناء تجولنا في مرسمها أيضاً والذي يعجّ باللوحات والألوان والخطوط الفنية كانت هنالك لوحات لم تعلق بعد على جدران مرسمها الذي كما تقول عالمها الخاص, وعند سؤالنا عن ذلك أشارت إلى أنها لوحات خاصة بأحد العزيزين على قلبها ستهديه إياها في مناسبة ما ولم تشأ أن تعرض الآن, فهي لا تكتفي بالرسم والنشر للناس بل أيضاً تعبر عن امتنانها وحبها لمن حولها بهذه الطريقة المميزة.

شغفها الجديد.. طريقها للنجومية
مع مطلع 2017 اتخذت ياسمين منحىً مختلفاً عن عملية الرسم العادية, فقد اتجهت إلى فن المكياج السينمائي بالرغم من أن قلة من الناس على دراية به تصف قزح بدايات اكتشافها لهذا الفن: "عندما كنت بمرسمي الصغير خططت على يدي بعض الخطوط العشوائية باللون الأحمر فأعجبني لأنه مشابه جداً للون الدم, بعد ذلك أمسكت بالمعجونة التي يلعب بها الأطفال الصغار وضعتها على يدي على شكل حفرة وملأتها باللون الأحمر شعرت برغبة عارمة بتعلم المزيد واكتشاف هذا الفن, فتحت حاسوبي الشخصي على اليوتيوب وتعلمت فنون وضع المكياج السينمائي".

"بعد مشاهدات عدة لهذا الفن الجديد بدأت بشراء الأدوات اللازمة لكي أبدأ مشواري بهذا المجال, فكانت بدايتي بصنع شكل حروق على يدي, بعد انتهائي منها التقطت لها صورة ونشرتها على صفحتي الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي, على عكس توقعاتي فلقد لاقت إعجاباً كبيراً من قبل متابعيني وشاهدت العديد من التعليقات المشجعة لكي أواصل هذا العمل".

"الأدوات التي استخدمها بسيطة في فن المكياج السينمائي لأننا نعاني من شح المواد هنا وعدم توافرها بشكل دائم, وفي أحيان كثيرة أستبدل الأدوات غير الموجودة بمواد أصنعها بالبيت بعد حصولي على طريقة الصنع من عالم الإنترنت, من وجهة نظري أعتقد أن هذا الفن مهم جداً على الصعيد الفلسطيني فمن خلاله نستطيع تجسيد الواقع الفلسطيني بشكل دقيق ليصل للعالم الخارجي من خلال الأفلام, فأصبح تجسيد الواقع من جروح وإصابات نتيجة اعتداء قوات الاحتلال على الشبان أمر ممكن".

لتكن لك بصمة في الحياة..
دقت الساعة السابعة مساءً فإذا بالباب يطرق لتدخل والدة ياسمين وهي تحمل صينية مليئة بأكواب الشاي الساخن, تقدم لنا الأكواب وهي تقول: "ابنتي جاس -كما تسميها- موهوبة بالرسم و المكياج السينمائي على حد سواء, وأنا بدوري سأعمل جاهدة على مساندتها والوقوف لجانبها دائماً لكي تصل إلى ما تسمو إليه  فموهبتها أرقى من أن تنسى أو تهمل, بل إن موهبتها من بثت الحياة والحيوية في بيتنا, وزادت من زواره ومحبيه, أنا أرى بأن ابنتي وليست لأنها ابنتي فقط بل لأنها فنانة حقاً سيكون لها مستقبل كبير وجميل إن استمرت على نفس الوتيرة من الاجتهاد والحب لما تعمل به".

لعلّ ما قالته السيدة قوزح والدة ياسمين هو عين الصواب, فموهبة كموهبة ياسمين حتى لو كانت عند أيّ شخص آخر شاب أو فتاة ستصل للنجومية والعالمية والشهرة إن لازمها الحب والاجتهاد معاً, فالاعتماد على أحدهما لن يخرجك بموقع الموهوب والفنان بل سيجعل عملك ناقصاً، أما وقد علمت طريقك الواضح للنجاح والإبداع فمن غير المعقول أن تتركه لغيرك وأنت الأقدر عليه، عالم الفنون مليء بالأشخاص وبمستويات مختلفة ومجرد دخولك إليه لا يجعلك فريداً أو متميزاً عن غيرك بل إن أعمالك الخاصة ولمساتك الساحرة هي من تجعل لك شخصية في اللوحات الفنية أياً كان نوعها, ولعل أيّ شخص دخل هذا المضمار يعلم جيداً ما نقوله, وياسمين, كفتاة عشرينية أحبت موهبتها وعملت على تقويتها وتنميتها وإيصالها للجميع سيكون لها مستقبل زاهر كما نرى نحن والجميع, وعن أمنياتنا البسيطة لـ ياسمين وغيرها من الفنانين والموهوبين بالمجالات كافة فبعد التوفيق والنجاح لا نأمل إلا أن تبقى قضيتنا قضية فلسطين حاضرة في أذهانهم علهم يوصلون للعالم رسالة واضحة بمن نحن وبحبنا للحياة والوجود من خلال هذه المواهب الشابة.

الكلمات المفتاحية: المكياج السينمائي, إضراب الاسرى.

بعض أعمال ياسمين قوزح:-









الادوات الاولى التي استخدمتها


الاثنين، 1 مايو 2017

المكياج السينمائي موهبة حديثة نادرة الإتقان

تعددت أنواع الفنون والرسوم بأشكال وطرق مُختلفة، وانبثق منها فن الرسم السينمائي أو المكياج السينمائي وهو موهبة مبتكرة ومفقودة في الساحة الفلسطينية، تحتاج لإحترافية في الأداة لكي يتمكن صاحبها من صنع علاقة ما على سطحٍ محدد، وعلى الرغم من أن الكثير لا يستهوي تلك المواهب ولا يمنحها أي إهتمام إلا أنها قد أحدثت نقلة نوعية، فاليوم ومن خلال هذا الفن يتمكن جميع منتجو الأفلام السينمائية من صناعة الوجوه المرعبة والأجسام المُخيفة عن طريق أدوات بسيطة تُجمع وتُمزج لتتحول لرسم سينمائي ذو دلالات مُعينة ومقصودة.

ملك التقي، ابنة ال14 عاماً، سكان مدينة نابلس، تستخدم العجين المصنوع بيديها من الطحين وأنواع مختفة من الصبغات لإنجاز رسمات سينمائية مُخيفة، يكاد الناظر إليها يُصدق أن من أمامه قد تعرض لحادث مُرعب وامتلأ جسمه بالجروح والكدمات.

تجربة بسيطة كفيلة لتكلل طريقها بنجاحات

بدأت ملك بتطبيق تلك الرسومات منذ سنة ونصف تقريباً، ونبعت الفكرة من دوافع ذاتية لا علاقة لها بالتقليد أو متابعة أي من الفيديوهات المنشورة لتلك الرسوم ومحاولة إنجاز ما يشابهوها.

في البداية قامت ملك بتقليد صورة قد رأتها عبر صفحات الإنترنت، مستخدمة الطحين والماء فقط، وعندما رأت أنها قد تمكنت من إنجاز شكل صغير يوحي بالخوف البسيط، أحبت ملك تلك الرسوم وبدأت بتطوير الأدوات التي تستخدمها لتتمكن من صناعة أشكال مُخيفة مماثلة لما نراه عبر شاشة التلفزيون، وبعد عدة تجارب حصلت ملك على العجين المناسب القريب من جلد الإنسان كي لا يُفرق الناظر إن كان هذا عجين أم جلد حقيقي، وكانت تلك الخلطة خاصة بها وبدأت تستخدمها في تجاربها لرسوم السينمائية.

حاولت ملك قدر الإمكان الإبتعاد عن أسلوب النسخ والتقليد، وصممت أن تكون معظم الجروح التي ترسُمها من وحيها الخاص، وبالفعل تمكنت ملك من صنع أفكار وتطبيقها على الأجسام مُختلفة عن ما يُدرج عبر مواقع وصفحات الإنترنت.

لولا الصعاب لما خُلق التحدي

وتحدثنا التقي قائلة:" واجهت العديد من الصعوبات في بداية تطبيقي لأكثر عمل أشعر وكأنه ينبع من قلبي، أمي وأبي كانوا أكثر الناس انتقاداً لي ولِما أفعل لم أتلقى منهم أي تشجيع على الإطلاق، ومع هذا لم أتخلى عن حُلمي وهو أن أصبح أصغر رسامة فلسطينية في الرسم السينمائي، ومع مرور الوقت أصبحوا من أكثر الناس محبة لِما أفعل وبادروا بتشجيعي على تنمية تلك الموهبة التي أشعر بالشغف كلما نطقت بإسمها".
وتنوه التقي أن أهم وأبرز أهدافها، إيصال معاناة الشعب الفلسطيني والإنتهاكات التي يتعرض لها يومياً عبر تلك الرسومات البسيطة ذات المعاني العميقة، وإيصال رسالة لجميع أنحاء العالم أن هناك مواهب فلسطينية متميزة على الرغم من صِغر سنها، تسطتيع أن تنافس المشاهير في دول الغرب لو توفرت لها الأدوات الخاصة والإحترافية.
وتطالب ملك جميع المسؤولين والقائمين على دعم فئة الشباب وتطويرهم، بإفتتاح تخصص جامعي أو معهد خصوصي لتمنية ودعم موهبة الرسم السينمائي، لتستطيع ملك وكل من يشبهها بتنمية تلك الموهبة التي تفتقرها فلسطين وتمتلكها دول الغرب، لتتمكن من منافسة كل تلك الأعمال التي نشاهدها عبر شاشة التلفزيون وتثبت أن هناك مواهب فلسطينية قادرة لصعود بأفكارها وطموحاتها نحو القمم.

مجموعة من رسومات ملك بأفكارها الخاصة