رأيك في المدونات ؟

الأربعاء، 3 مايو 2017

قصة صحفية

ياسمين.. عشرينية تصل بشغفها لطريق النجومية 

كتبت:الاء محمود، بنان اعمير، روز بشارة.

من هنا تبدأ الحكاية ياسمين قوزح -24 عاماً- أنشأت لنفسها مملكة يعمها الإبداع والموهبة حدودها الألوان والأقلام، جدرانها الرسومات والأشكال، حراسها تلك الافكار التي تزورها بين الحين والآخر لتزيد من إبداعها إبداعاً.
كبرت ياسمين ونمت وأزهرت كالأقحوان من كلية الفنون في جامعة النجاح الوطنية وتحديداً من قسم التصميم والديكور لتنشر عبق موهبتها في أرجاء الجامعة وخارجها بلوحات تحاكي الواقع بلمسات إبداعية فنية متميزة وفريدة تسلب عقول من يراها وتسرق قلوبهم حتى تكاد لا تغادر أذهانهم.
ياسمين موهوبة بالفطرة، أيقنت أن الله حباها موهبة ثمينة تميزت بها عن غيرها فأبت أن تتركها للنسيان بل اجتهدت وجدّت حتى أصبحت ممن يشار إليهم بالبنان في عالم الفنون والجمال.

الطفولة.. لعبٌ ولهوٌ وموهبة!
بينما هي تداعب لوحاتها الفنية وتنتقل بين اللوحة والأخرى بابتسامة ساحرة تخفي الكثير من الحب لعملها, تسترخي قليلاً وتسند رأسها للوراء وتتعلق عيناها بسقف الغرفة لتروي لنا بداياتها في عالم الرسم, تقول بكل شغف: "لدي شغف كبير بالرسم منذ طفولتي, أذكر عندما كنت في الصفوف المدرسية الأولى ما إن أرى شخصية كرتونية على شاشة التلفاز حتى أسرع محاولة رسمها, كنت أعقد اتفاق أنا وأمي وأختي الكبيرة إن استطعت رسمها بإتقان سأحصل على نوع من الحلوى المفضلة لي".

تكمل: "أمي هي العمود الداعم لي بكل مراحل حياتي, ليس هي فقط بل جميع أفراد عائلتي, فكان والدي يحضر لي كل يوم مجموعة من الأوراق والأقلام والألوان ويشجعني على مواصلة الرسم وأخي يواصل تشجيعه لي بكلماته الرنانة بأن رسوماتي جميلة وسأصبح مبدعة يوما ما".

شغفها بالرسم والفن لم يستمر طيلة حياتها كما أخبرتنا ففي لحظة ما كان لا بد من إعادة ترتيب الأولويات تقول ياسمين في ذلك: "استمررت بعملية محاول رسم كل ما أشاهده حتى بدأت مرحلة الثانوية العامة فقد انقطعت عن الرسم فترة وجيزة لأنني رغبت بالتركيز أكثر على دراستي وزيادة اجتهادي للحصول على معدل يؤهلني لدخول كلية الفنون, لم يكن أمراً سهلاً في الحقيقة لأنك حينما تعتاد أمراً ما يكون من الصعب تركه أو التخلي عنه حتى لو كان بكامل إرادتك, خاصة وأن الرسم لم يكن مجرد عمل أقوم به لأنهيه وأحصل على عبارات المديح من هذا وذاك, بل كان عالمي الخاص الذي أدخله لأنسى كل ما حولي ولأجدد حيويتي ونشاطي وحبي للحياة, لكن هكذا هي الحياة, في كثير من الأحيان علينا ترتيب أولوياتنا لتحقيق مزيد من النجاح وهذا ما حصل معي بفضل الله".

حتى لا يذهب جهدك أدراج الرياح!
الموهبة فطرة من الله, والحصول عليها أمر يميزك عن غيرك بل يجعل لك بصمتك الفريدة في الحياة لتختلف عن الجميع ولتصبح وجهة الكثير من المعجبين والمشجعين لكن الاكتفاء بما وهبنا الله إياه لن يزيد من نجاحنا وتألقنا, وإهمال الموهبة والاكتفاء بقدرات محدودة أمر يقلل من موهبتها على مر الزمان لذلك لدعم الإبداع وملاحظتها منذ الصغر الكثير من الأثر بل إن العمل على تنميته يزيد من تفردنا وتميزنا وهذا ما أوصل ياسمين إلى ما هي عليه الآن من نجاح مبهر.


تخط خطوطاً بالاتجاهات جميعها على لوحتها الفارغة وتسهب بحديثها: "موهبتي التي كانت بداياتها بسيطة لكن منذ طفولتي دعمها الكثيرين, أولهم عائلتي الصغيرة أبي وأمي وأختي ولاحقاً لوحاتي ورسوماتي لفتت انتباه البعض من عائلتي الكبيرة ك ابن عمي الذي كان له أثر كبير في دعمي حيث تكلم مع أحد أصدقائه في الغربة والذي يدرس الفنون الجميلة ومدحني كثيراً, وأدوات الرسم من أقلام وقرطاسية وألوان كان أبي يحضرها لي دون أن أطلبها فقد كان يلاحظ ما ينقصني ويقوم بشرائها فوراً".

تكمل حديثها: "معلمتي التي لن أنسى فضلها, والتي لم أستطع نسيانها ولا قطع علاقتي بها شجعتني كثيراً, كانت تطلب مني إحضار رسوماتي إلى المدرسة لتشاهدها الطالبات الأخريات ليتعلمن كيفية الرسم الصحيح, وشجعتني كذلك للمشاركة في معارض المدرسة التي كانت على مستوى المحافظة, بل أيضاً عند دخولي الجامعة كانت تطمأن عليّ وتتابع أخباري ورسوماتي من خلال الفيسبوك".

"أنا أعلم جيداً ما معنى أن يدعمك الآخرون, أن تنهال عليك عبارات المديح والإعجاب والحب لرسوماتك وأعمالك الفنية رغم بساطتها, وأحياناً النقد البناء الذي كان يساندني دوماً, كل هذا له وقع على النفس وبالتالي على اللوحة الفنية, لذلك سيكون من اللطف لو يعامل الجميع صاحب الموهبة بهذا الشكل حتى لا تذهب موهبته أدراج الرياح بفعل كلامهم غير اللائق".

الجامعة.. تنمية للموهبة وزيادة للتحدي
الجميع يعلم أن الجامعة مرحلة جديدة مختلفة تماماً عن المراحل السابقة, فهناك أنت واحد من بين الالاف من الطلاب, أما وقد قررت أن تتميز ويظهر اسمك من بين الالاف لتصبح حديث الساعة كما يقولون فعليك بذل الكثير من الجهد لتقنع فئة لا بأس بها بك وبشخصك وبموهبتك وبعملك وبالفكرة التي تعمل لأجلها, سيظهر لك الكثير من الكارهين والحاسدين ربما لكن ماذا سيحدث بعدها! أنت ستقرر ذلك, إما أن تستسلم للصعوبات أو أن تثبت للجميع بأنك أهلٌ لذلك, أما ما حدث مع ياسمين فستخبرنا هي بذلك.

تستمر بوضع بصمتها على لوحتها الفنية وتبدأ حديثها: "بعد نجاحي بالثانوية العامة دخلت كلية الفنون في جامعة النجاح الوطنية قسم الديكور, ومع دخولي أعتاب السنة الدراسية الثانية بدأت مساقات الرسم تساعدني كثيراً في موهبتي فقد بدأت أتعلم الأساسيات بكل حذافيرها وقواعدها الصحيحة ولأنني كنت أرسم سابقاً كان الأمر سهلاً نوعاً ما وهذا كان واضحاً على لوحاتي, كما قال لي الأساتذة, لكن هنا بدأ التحدي الحقيقي, فوجئت بعدد الطلبة المسجلين بالتخصص وبكمية الإبداع عند كل شخص منهم حتى لو لم يكن قد بدأ بالرسم منذ فترة, لكن موهبته قوية جداً ليصبح منافساً لي".

"صديقاتي في التخصص لاحظن عليّ حبي للتميز وللتحديات كذلك, كنت أرهق نفسي في بعض الأحيان لأفوز بالتحدي الأول وأنتقل للتحدي الثاني, ربما سأقول ذلك للمرة الأولى لكن طالباً من التخصص كان مبدعاً بشكل لا يصدق حتى أنا أعجبت برسمه وبأفكاره وجدته المنافس الأول بل ربما الوحيد لي, قررت يوماً أنني لن أبقَ مكتوفة اليدين وأنظر لتميزه الذي يزداد يوماً بعد آخر, بل سأصبح شريكة له في الإبداع وشريكة أيضاً في المديح والإعجاب, اقترحت على أحد أساتذتي خوض تحدٍ فريد من نوعه في رسم إحدى الشخصيات الصعبة ولم يشترك إلا قلة قليلة, جميعهم بقدرات أقل من قدراتي فكان الظاهر أن الفوز حليفي لكن زميلي قرر المشاركة ليدفعني لبذل المزيد من الجهد وساعات العمل على تلك اللوحة الفنية التي ما زالت معلقة في جدران الكلية, انتهى التحدي وانتهت المسابقة بفوزي أنا وزميلي في المرتبة نفسها, لكن حبي للظهور ولإبراز موهبتي دفعني للعمل بجد أكبر وبساعات أطول لأستطيع التغلب عليه وهذا ما حصل لاحقاً".

أحياناً تكون مسابقة ما أو تحدٍ ما بظاهره وبما هو معلوم للعيان بسيط أو عاديّ جداً لكنه لصاحب الشأن لا بد أن يعني الكثير, أي ما يقف وراء التحدي! والذي يكون عادة إثبات لقوة الشخصية والقدرة على التميز بين الكثيرين.

جمال البدايات لا يُنسى..
نسمع عن أول أغنية لذلك المغني المعروف وعن أول لوحة للفنان التشكيلي ذاك وعن أول طبق طعام للشيف العالمي وعن أول خفقة قلب وعن أول كلمة من مولود وعن أول شهادة عليا وعن أول ترقية في العمل, جميعها المرات الأولى تترك أثراً لا يمكن لأي قوة أن تهزّ مكانه في داخل أيّ منّا, وعن مبدعتنا ياسمين كان لأدواتها أثر لا يُنسى جعلته نصب أعينها.

تتوقف عن الحديث لتُشيح وجهها يميناً متأملة الزاوية المقابلة من الغرفة فتقع عيناها على لوحة أشبه بالفارغة إلا من أدوات بسيطة, تخطو خطوات قليلة باتجاهها لتكشف لنا بأن هذه اللوحة تحوي على الأدوات الأولى التي استخدمتها في عملية الرسم, بابتسامتها التي لم تفارق وجهها طيلة حديثنا معها تقول: "يقال أن المرة الأولى من كل شيء لا تُنسى, هذه عبارة أؤمن بها جداً فأنا بدوري أُولي التقدير للأدوات التي رافقتني منذ بداياتي في عملية الرسم, لذلك لمعت في بالي فكرة بأن أضع هذه الأدوات التي تضم أول قلم وفرشاة وممحاة ولون استخدمتهم على لوحة لكي أقدر هذه الأدوات التي أوصلتني إلى هنا وبالتأكيد ستعمل على إيصالي إلى ما هو أكبر, فلولا هذه الأدوات البسيطة ما وصلت لهذه المرحلة".

قصص وحكايات خلف لوحاتها الفنية..
تصحبنا بجولة في أرجاء مرسمها الخاص لتروي لنا قصص رسوماتها, تتوقف قليلاً إلى جانب لوحة رسمت عليها أسير وتقول: "بكل تأكيد أنا لا أنسى أن تكون معاناة الشعب الفلسطيني المحور الأول لموضوع رسوماتي, فمنذ اليوم الأول لإضراب الأسرى بدأت برسم هذه اللوحة لأعبر فيها عن تضامني مع ما يحصل في سجون الاحتلال ولكن بطريقتي الخاصة, هدفي الأول والأخير إيصال فكرة الإضراب لغيري خاصة وأن لديّ متابعين على السوشال ميديا من خارج فلسطين, ربما هذه هي طريقتي الوحيدة للتضامن معهم بعد الدعاء طبعاً".

وعن لوحاتها الأخرى فهناك جيفارا وكاسترو والممثل الكوميدي الأمريكي تشارلي والمغنية فيروز ورسومات كرتونية ورسومات من فيض خيالها عبرت من خلالها عن قضية معينة وعن واقع أليم.

تتحدث عن لوحة أخرى وتقول: "هذه اللوحة رسمتها لأعبر عن الظلم والاضطهاد التي تتعرض له المرأة في مجتمعنا العربي بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص من اعتقادات مغلوطة وأفكار تقيّد حركتها وحريتها لتقلل من شأنها ودورها في المجتمع فمع أننا وصلنا للـ 2017 إلا إن الكثير من الرجال ما زال يعامل المرأة معاملة سيئة زوجة كانت أم ابنة أم أخت وحتى يطال الأمر الأم في بعض الأحيان وقد اشتركت من خلال هذه اللوحة في أحد المعارض الخاصة بالتوعية والإرشاد للمرأة".

وأثناء تجولنا في مرسمها أيضاً والذي يعجّ باللوحات والألوان والخطوط الفنية كانت هنالك لوحات لم تعلق بعد على جدران مرسمها الذي كما تقول عالمها الخاص, وعند سؤالنا عن ذلك أشارت إلى أنها لوحات خاصة بأحد العزيزين على قلبها ستهديه إياها في مناسبة ما ولم تشأ أن تعرض الآن, فهي لا تكتفي بالرسم والنشر للناس بل أيضاً تعبر عن امتنانها وحبها لمن حولها بهذه الطريقة المميزة.

شغفها الجديد.. طريقها للنجومية
مع مطلع 2017 اتخذت ياسمين منحىً مختلفاً عن عملية الرسم العادية, فقد اتجهت إلى فن المكياج السينمائي بالرغم من أن قلة من الناس على دراية به تصف قزح بدايات اكتشافها لهذا الفن: "عندما كنت بمرسمي الصغير خططت على يدي بعض الخطوط العشوائية باللون الأحمر فأعجبني لأنه مشابه جداً للون الدم, بعد ذلك أمسكت بالمعجونة التي يلعب بها الأطفال الصغار وضعتها على يدي على شكل حفرة وملأتها باللون الأحمر شعرت برغبة عارمة بتعلم المزيد واكتشاف هذا الفن, فتحت حاسوبي الشخصي على اليوتيوب وتعلمت فنون وضع المكياج السينمائي".

"بعد مشاهدات عدة لهذا الفن الجديد بدأت بشراء الأدوات اللازمة لكي أبدأ مشواري بهذا المجال, فكانت بدايتي بصنع شكل حروق على يدي, بعد انتهائي منها التقطت لها صورة ونشرتها على صفحتي الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي, على عكس توقعاتي فلقد لاقت إعجاباً كبيراً من قبل متابعيني وشاهدت العديد من التعليقات المشجعة لكي أواصل هذا العمل".

"الأدوات التي استخدمها بسيطة في فن المكياج السينمائي لأننا نعاني من شح المواد هنا وعدم توافرها بشكل دائم, وفي أحيان كثيرة أستبدل الأدوات غير الموجودة بمواد أصنعها بالبيت بعد حصولي على طريقة الصنع من عالم الإنترنت, من وجهة نظري أعتقد أن هذا الفن مهم جداً على الصعيد الفلسطيني فمن خلاله نستطيع تجسيد الواقع الفلسطيني بشكل دقيق ليصل للعالم الخارجي من خلال الأفلام, فأصبح تجسيد الواقع من جروح وإصابات نتيجة اعتداء قوات الاحتلال على الشبان أمر ممكن".

لتكن لك بصمة في الحياة..
دقت الساعة السابعة مساءً فإذا بالباب يطرق لتدخل والدة ياسمين وهي تحمل صينية مليئة بأكواب الشاي الساخن, تقدم لنا الأكواب وهي تقول: "ابنتي جاس -كما تسميها- موهوبة بالرسم و المكياج السينمائي على حد سواء, وأنا بدوري سأعمل جاهدة على مساندتها والوقوف لجانبها دائماً لكي تصل إلى ما تسمو إليه  فموهبتها أرقى من أن تنسى أو تهمل, بل إن موهبتها من بثت الحياة والحيوية في بيتنا, وزادت من زواره ومحبيه, أنا أرى بأن ابنتي وليست لأنها ابنتي فقط بل لأنها فنانة حقاً سيكون لها مستقبل كبير وجميل إن استمرت على نفس الوتيرة من الاجتهاد والحب لما تعمل به".

لعلّ ما قالته السيدة قوزح والدة ياسمين هو عين الصواب, فموهبة كموهبة ياسمين حتى لو كانت عند أيّ شخص آخر شاب أو فتاة ستصل للنجومية والعالمية والشهرة إن لازمها الحب والاجتهاد معاً, فالاعتماد على أحدهما لن يخرجك بموقع الموهوب والفنان بل سيجعل عملك ناقصاً، أما وقد علمت طريقك الواضح للنجاح والإبداع فمن غير المعقول أن تتركه لغيرك وأنت الأقدر عليه، عالم الفنون مليء بالأشخاص وبمستويات مختلفة ومجرد دخولك إليه لا يجعلك فريداً أو متميزاً عن غيرك بل إن أعمالك الخاصة ولمساتك الساحرة هي من تجعل لك شخصية في اللوحات الفنية أياً كان نوعها, ولعل أيّ شخص دخل هذا المضمار يعلم جيداً ما نقوله, وياسمين, كفتاة عشرينية أحبت موهبتها وعملت على تقويتها وتنميتها وإيصالها للجميع سيكون لها مستقبل زاهر كما نرى نحن والجميع, وعن أمنياتنا البسيطة لـ ياسمين وغيرها من الفنانين والموهوبين بالمجالات كافة فبعد التوفيق والنجاح لا نأمل إلا أن تبقى قضيتنا قضية فلسطين حاضرة في أذهانهم علهم يوصلون للعالم رسالة واضحة بمن نحن وبحبنا للحياة والوجود من خلال هذه المواهب الشابة.

الكلمات المفتاحية: المكياج السينمائي, إضراب الاسرى.

بعض أعمال ياسمين قوزح:-









الادوات الاولى التي استخدمتها


الاثنين، 1 مايو 2017

المكياج السينمائي موهبة حديثة نادرة الإتقان

تعددت أنواع الفنون والرسوم بأشكال وطرق مُختلفة، وانبثق منها فن الرسم السينمائي أو المكياج السينمائي وهو موهبة مبتكرة ومفقودة في الساحة الفلسطينية، تحتاج لإحترافية في الأداة لكي يتمكن صاحبها من صنع علاقة ما على سطحٍ محدد، وعلى الرغم من أن الكثير لا يستهوي تلك المواهب ولا يمنحها أي إهتمام إلا أنها قد أحدثت نقلة نوعية، فاليوم ومن خلال هذا الفن يتمكن جميع منتجو الأفلام السينمائية من صناعة الوجوه المرعبة والأجسام المُخيفة عن طريق أدوات بسيطة تُجمع وتُمزج لتتحول لرسم سينمائي ذو دلالات مُعينة ومقصودة.

ملك التقي، ابنة ال14 عاماً، سكان مدينة نابلس، تستخدم العجين المصنوع بيديها من الطحين وأنواع مختفة من الصبغات لإنجاز رسمات سينمائية مُخيفة، يكاد الناظر إليها يُصدق أن من أمامه قد تعرض لحادث مُرعب وامتلأ جسمه بالجروح والكدمات.

تجربة بسيطة كفيلة لتكلل طريقها بنجاحات

بدأت ملك بتطبيق تلك الرسومات منذ سنة ونصف تقريباً، ونبعت الفكرة من دوافع ذاتية لا علاقة لها بالتقليد أو متابعة أي من الفيديوهات المنشورة لتلك الرسوم ومحاولة إنجاز ما يشابهوها.

في البداية قامت ملك بتقليد صورة قد رأتها عبر صفحات الإنترنت، مستخدمة الطحين والماء فقط، وعندما رأت أنها قد تمكنت من إنجاز شكل صغير يوحي بالخوف البسيط، أحبت ملك تلك الرسوم وبدأت بتطوير الأدوات التي تستخدمها لتتمكن من صناعة أشكال مُخيفة مماثلة لما نراه عبر شاشة التلفزيون، وبعد عدة تجارب حصلت ملك على العجين المناسب القريب من جلد الإنسان كي لا يُفرق الناظر إن كان هذا عجين أم جلد حقيقي، وكانت تلك الخلطة خاصة بها وبدأت تستخدمها في تجاربها لرسوم السينمائية.

حاولت ملك قدر الإمكان الإبتعاد عن أسلوب النسخ والتقليد، وصممت أن تكون معظم الجروح التي ترسُمها من وحيها الخاص، وبالفعل تمكنت ملك من صنع أفكار وتطبيقها على الأجسام مُختلفة عن ما يُدرج عبر مواقع وصفحات الإنترنت.

لولا الصعاب لما خُلق التحدي

وتحدثنا التقي قائلة:" واجهت العديد من الصعوبات في بداية تطبيقي لأكثر عمل أشعر وكأنه ينبع من قلبي، أمي وأبي كانوا أكثر الناس انتقاداً لي ولِما أفعل لم أتلقى منهم أي تشجيع على الإطلاق، ومع هذا لم أتخلى عن حُلمي وهو أن أصبح أصغر رسامة فلسطينية في الرسم السينمائي، ومع مرور الوقت أصبحوا من أكثر الناس محبة لِما أفعل وبادروا بتشجيعي على تنمية تلك الموهبة التي أشعر بالشغف كلما نطقت بإسمها".
وتنوه التقي أن أهم وأبرز أهدافها، إيصال معاناة الشعب الفلسطيني والإنتهاكات التي يتعرض لها يومياً عبر تلك الرسومات البسيطة ذات المعاني العميقة، وإيصال رسالة لجميع أنحاء العالم أن هناك مواهب فلسطينية متميزة على الرغم من صِغر سنها، تسطتيع أن تنافس المشاهير في دول الغرب لو توفرت لها الأدوات الخاصة والإحترافية.
وتطالب ملك جميع المسؤولين والقائمين على دعم فئة الشباب وتطويرهم، بإفتتاح تخصص جامعي أو معهد خصوصي لتمنية ودعم موهبة الرسم السينمائي، لتستطيع ملك وكل من يشبهها بتنمية تلك الموهبة التي تفتقرها فلسطين وتمتلكها دول الغرب، لتتمكن من منافسة كل تلك الأعمال التي نشاهدها عبر شاشة التلفزيون وتثبت أن هناك مواهب فلسطينية قادرة لصعود بأفكارها وطموحاتها نحو القمم.

مجموعة من رسومات ملك بأفكارها الخاصة 







الجمعة، 7 أبريل 2017

تقرير الكتروني- ضحى اشتيوي

بيد من حديد الاحتلال يضربب مسيرة كفر قدوم

يخرج العشرات من ابناء قرية كفر قدوم و متضامنين اجانب في مسيرتهم الاسبوعية يوم الجمعة صوب طريقهم المغلق منذ اكثر من 13 عام واحتجاجا على اراضيهم المصادرة لصالح التوسع الاستيطاني .

جيش الاحتلال لا يكترث للتواجد الدولي :
ويقول منسق المقاومة الشعبية في كفر قدوم مراد شتيوي شهدت المسيرة الكثير من الاعتداءات سواء على ابناء القرية او المتضامنين الاجانب وابرزها فقدان احد شبان القرية عينه اليمين نتيجة لاطلاق الرصاص الحي المباشر عليه واخر فقد قدرته على النطق علاوة على استشهاد المسن سعيد الجاسر 85 عام نتيجة استنشاق مكثف للغاز السام, اصابة المتضامن ايطالي بالرصاص الحي بالصدر وتتفاوت الاعتداعات عليهم من ضرب واحتجازهم  لتصل الى حد الترحيل ووضعهم بالقائمة السوداء حيث لا عودة.
ويضيف شتيوي انه خلال فترة وجيزة استطعنا ان نشكل رأي عام دولي للتضامن معنا عن طريق اتصالاتنا السلمية عبر وسائل التواصل الالكتروني 
وفي السياق ذاته اكد شتيوي ان قوات الاختلال تتعدى القمع داخل المسيرة لتمارس سلسلة من الاجراءات التعسفية تتمثل في اغلاق مدخل القرية والاعتقالات والاقتحامات الليلية .
ادوات القمع المستخدمة في المسيرة :
وتقمع قوات الاحتلال بشكل همجي المسيرة السلمية الرافضة للاستيطان فتستخدم الرصاص المعدني المغلف بالمطاط وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع والمياه العادمة حال وصول المشاركين الى الشارع المغلق وفي بعض الاحيان تستخدم طائرات بدون طيار لالتقاط الصور واستخدامها ضد الشبان المشاركين.

لن نتخلى عن هذه الارض :
وتقول الحاجة سليمة شتيوي 77 عام :"سأخرج في كل مرة دون ان اتردد لاشارك بالمسيرة وادافع عن ارضي واقاوم الاحتلال الذي يسعى لسرقة ارضنا وضمها لكيانه الغاشم كي نصل الى حقنا في العيش بكرامة في وطننا ".



الخسائر المادية التي تكبدها اهالي القرية :

ومن جهته يقول رئيس مجلس قروي كفر قدوم سمير شتيوي عن الخسائر التي تبعت المسيرة و تكبدها اهالي القرية بانه قد تم اغلاق ثلاث مزارع دجاج بعد نفور المئات منها بسبب قنابل الغاز ناهيك عن حرق 25 خلية نحل والقضاء على 260 شجرة زيتون في موقع المسيرة ويضيف ان المجلس القروي للقرية يتولى تعويض الخسائر لاهالي القرية .

الخميس، 30 مارس 2017

روجيم .. الطعام الصحي خير اختيار
كتبت مرام كلبونة وتمارا العفوري

التغذية هي الطريقة التي تمد الجسم بالعناصر الغذائية المهمّة، ويسبب سوء التغذية سواء كان بالنقص في تناول أحد العناصر أو الزيادة المفرطة في تناولها إلى حدوث خلل في وظائف الجسم، ويسبب الأمراض المختلفة.
متجر روجيم، هو أول متجر في نابلس يختص فقط بالأطعمة الصحية، افتتح المتجر قبل سبعة أشهر فقط، فمن خلاله يحصل الزبائن على فحصٍ لنسب الدهون والأملاح وغيرها قبل أن يتجولوا في رفوف المتجر لشراء السلع التي تتناسب وحالتهم.
عبد الرحيم سلعوس، صاحب متجر روجيم، تخصص تغذية وتصنيع غذائي خريج جامعة النجاح الوطنية، عمل لفترة في نطاق التغذية والتنحيف ومشاكل أُخرى كالتوحد والشلل الكامل في أمريكا.
أساس كل إبداع .. فِكرة
يروي عبد الرحيم قصة مشروعه  بشغف فيقول فكرة المشرع جاءت مماثلة لمتجر كان بجانب سكنه في أمريكا، فكان المتجر مختص أيضاً بالغذاء الصحي والسلع الخالية من السعرات الحرارية والدهون، ومن منطلق التنوع وعدم تواجد أي من المحلات أو المنتجات التي تساعد الإنسان على تناول كل ما يحتاجه بصورة صحية قرر عبد الرحيم فور عودته لنابلس أن يؤسس مشروع بنفس المواصفات للمتجر المتواجد في أمريكا.
يسرد عبد الرحيم دوره في المتجر، فهو لا يقتصر على كونه بائع لتلك المنتجات، بل يقوم أيضاً بإعطاء النصائح وتقديم الإستشارات لكل زبون حسب حالته، وتقدير ما يحتاجه من تلك السلع حسب حجم المشكلة التي يُعاني منها.
قد يخطر على ذهن المجتمع أن مثل هذا المشرع مغامرة كبيرة، لإعتقادهم أن الناس لم يصلوا لتلك الدرجة من الوعي، والإهتمام بالغذاء الصحي والحياة السليمة، لكن الأمر مغاير على الإطلاق لتلك المعتقدات.
من وجهة نظر سلعوس في البداية كان ينتابه نفس تلك المخاوف، لكنه تفاجئ بحجم الوعي والإقبال والإهتمام الذي حصده من زائري المتجر، فحجم الثقافة نحو التغذية ومكملاتها أكبر بكثير مما كان يعتقد.
كافة الأمور التي تحيطنا مهما تعددت إيجابياتها يبقى لها سلبيات حتى ولو كانت محدودة، ولعل السلبية الوحيدة الموجودة بتلك السلع تكلفتها الباهظة التي تحد من إنتشارها، وفي الحقيقة تكلفتها مرتفعة على المستورد ذاته، ومن المعروف أنه في كافة أنحاء العالم الأطعمة الصحية المجردة من السعرات الحرارية والدهون تكون ذات تكلفة عالية نسبياُ.


مناعتك قوية .. بإختيار الغذاء المناسب

كانت تلك الكلمات الأولى لأخصائية التغذية عهد ملحم، تصف ملحم متجر عبد الرحيم بالواحة الصحية، فبين رفوف المتجر تتواجد جميع الأطعمة التي تجعل من حياة الإنسان حياة صحية خالية من مشاكل الأطعمة، وتضيف ملحم أن فكرة متجر عبد الرحيم فكرة في غاية الأهمية فهو يسعى لزيادة الأطعمة العضوية التي تساهم في حل العديد من مشاكل المجتمع، إضافة إلى أن جميع الأطعمة المعروضة للبيع مفيدة للغاية خاصة البذور مثل الشيا والشوفان والكينوا وغيرها، والأهم من ذلك وفر عبد الرحيم العديد من الأطعمة اللازمة للعديد من الأمراض والحساسية التي لم تكن تتوفر في بلادنا.

الثلاثاء، 28 مارس 2017

تقرير مصور

"مقهى الهموز" حنين وذكريات من الزمن القديم



كتبت: الاء محمود, بنان اعمير, روز بشارة

إن رغبت يوماً بزيارة نابلس فلا بد أن يصطحبك أحدهم إلى أبرز المعالم الشعبية والتراثية في المدينة وفي زحام الشوارع والطرقات سيجذبك جمال ما لم تألفه عينك من طبيعة خلابة وأشجار تلونت بأزهار من شتى الأنواع, أما أناسها فلا شك بأن علامة تعجب ودهشة سترتسم على وجهك حينما يشعرونك بأنك أحد سكان المدينة ولست غريباً أو زائراً, وإن كنت تنوي خوض تجربة العيش والجلوس في أقدم الأماكن وأكثرها هدوءاً وراحة فلا بد أن يكون مقهى الهموز وجهتك الأولى ولعلك تتكاسل عن البحث عن وجهة أخرى من فرط الجمال الذي يسلب القلوب والعقول فمجرد وصولك إلى شارع "شويتره" سيلفت انتباهك قدم ملامح المقهى فالحجارة التي تصطف الواحدة منها بمحاذاة الأخرى تتخللها بعض النباتات الطبيعية التي زادت من جمال المكان, ولعل الإشارات العثمانية المنقوشة على بعض الحجارة تخفي ألف حكاية عن تاريخنا القديم.


كل ذلك يجعلك تسبح في فضاءٍ من تفكير عميق وتأمل في روعة المكان ليوقظك من غفلتك صوت أحد الأشخاص الذي يبدو عليه كبر السن وهو يحدث صديقاً- على ما يبدو- عن ذكرياته هنا, تستأذن بالجلوس وتستمع, لتكتشف أنه من رواد المقهى القدامى, الحاج أبو إسماعيل (95 عاماً) يتحدث بشغف وحب عن التاريخ العريق للمكان وكأنه بيته الثاني: "هذا المكان أكثر الأماكن قرباً لقلبي فقد كنا نجتمع هنا في كل ليلة أنا وأصدقائي وأبناءنا وفي الحقيقة لا أملّ أبداً من تكرار قصة المقهى لكل من يسألني, تأسس المقهى سنة 1892, أي في عهد العثمانيين لكنه طبعاً كان بسيط للغاية كما قالوا لنا, فالجد الهموز عمل بجدّ حتى تمكن من توسيع المكان, بدأ ب أربع محلات وتحول لبركس مساحته أربع دونمات ثم هو اليوم بشكله الحالي, قديماً كان الجميع يأتي هنا في كل الأوقات حتى فجراً, يشربون الشاي أو القهوة ثم ينطلقون إلى أعمالهم".


يسهب الحاج أبو إسماعيل بالحديث عن عراقة المكان وصموده أمام ما واجهه من تحديات عظيمة, فليس من السهل على أي مكان البقاء لأكثر من 120 سنة والمحافظة على ما فيه من أصالة: "المقهى عبر الأجيال والعصور المختلفة عانى الكثير لكن بفضل الله وبسبب حب الناس له ما زال قائماً إلى الآن فهو في فترة الانتداب البريطاني أغلق عدة مرات بتهمة التحريض, وتحول فيما بعد لثكنة عسكرية للجنود البريطانيين ثم بعد ذلك استخدم المقهى كمنبر للدعايات الانتخابية الأردنية وبعد الاحتلال الاسرائيلي تم إيواء العديد من المطاردين والمطلوبين فيه وكان يتم حشد الشباب بداخله وتوعيتهم لمخاطر المرحلة ثم بعد قدوم السلطة استغل المقهى للتعليم المدرسي والجامعي خاصة في فترات الانتفاضة ومنع التجول وإغلاق المؤسسات التعليمية".


وكزائر وما إن تسمع هذه الحكاية حتى يدفعك الفضول لمعرفة المزيد عن مكانٍ كهذا خاصة وأن ملامح المكان ما زالت محافظة على ما كانت عليه, تتأمل في الزوايا كلها لتجذبك زاوية أشبه بالفارغة إلا من رجل عرفت فيما بعد أنه صاحب المقهى الحالي والذي ورثه عن جده وأبيه, بإبتسامته التي لم تفارق وجهه والتي لا تنّمُ إلا عن الفخر والاعتزاز يخبرنا "أيمن الهموز" عن الحفلات الغنائية التي أقيمت هنا: "لا أبالغ إن قلت أن معظم عمالقة الغناء العربي غنوا بداخله, فمسرح المقهى كان يعج بالمغنين العرب, أمثال أم كلثوم التي كانت أول من اعتلى المسرح وغنت أغنية "يا بدر اختفي", واستقبل المقهى أيضا عبد الوهاب وفريد الأطرش وأسمهان, أما فيروز فلم يحالفنا الحظ بأن تدخل مقهانا فقامت بالغناء على أبواب المقهى".


وكما يرى الهموز في غناء الفنانات والفنانين بالمقهى أمراً يفتخر به ويرفع من قيمة المكان لا يمكنه تجاهل ما هو أكثر قيمةً من ذلك, ألا وهو تحول المقهى في فترة من الفترات إلى مبنى للتعليم سواء أكان الجامعي أو المدرسي ما يدّعم أقوال الحاج أبو إسماعيل, فالهموز وهو ابن جامعة النجاح لا يكف عن الحديث عن استمرار الدوام الجامعي اليومي في فترة الانتفاضة حيث كانت الهيئة التدريسية تعقد الدوام وحتى الامتحانات حرصاً من أبناء الوطن طلاباً وأساتذة ومجتمع بأكمله على استمرار التعليم رغم كل المعيقات فهو السلاح الأول الذي يمكننا من التغلب على أي عدو وهو ما لا يختلف عليه اثنين.


وعند تجوّلك في أنحاء المقهى في الداخل والخارج  تستشعر راحة نفسية لا مثيل لها, وكأنها رذاذ منتشر في الجو ينشر عبقه على كل زائر, فيدفعك ذلك إلى اكتشاف المزيد بقوة تعجز عن تفسيرها, أهي الفطرة الطبيعية لحب الجمال؟ أم السكينة والهدوء الملفتان للنظر؟ أم أنها الأصالة والقدم اللذين يشعرانك بأنك ابن المكان؟! تتأمل تفاصيل المقهى المليئة بذكريات الماضي, الصور ذات الألوان الرمادية, الكراسي الخشبية العتيقة, بل أيضاً أداوت إعداد المشروبات الساخنة التي لم تعتقد يوماً بوجودها إلى الآن, النباتات العشبية المزروعة في كل زوايا المقهى, ودالية العنب التي تعود لأكثر من 100 عام, جمال وأصالة عربية كهذه لم تلفت نظر السكان المحليين فقط بل كانت عامل جذبٍ للعديد ممن يسكنون القرى والمدن المجاورة حتى وصل الأمر إلى تعلق بعض السياح الأجانب بالمكان وزيارته بشكل يومي سواء أكان ذلك للدراسة أو التسامر أو حتى للتفكر والتأمل.


السائحة الهولندية آنّـا والتي تدرس في جامعة النجاح تخبرنا عن زياراتها الدائمة للمقهى وحبها له الذي لا تجد له تفسيراً فهو برأيها مختلف عن كافة المقاهي والأماكن التي زارتها هنا وفي هولندا, تتحدث آنّـا وعلامات التعجب والدهشة يعتريان وجهها: "لا أعلم حقاً ما السر في هذا المكان, كل ما فيه جميل ومرتب وتشعر كأنك في أحد الأفلام, أحب الجلوس هنا بعد الدوام والاستمتاع بأصوات الطبيعة, هذا الهدوء يساعدني على الدراسة والتركيز غير أن القائمين على المقهى لطيفين للغاية ومشروباتهم لذيذة فعلاً, في كل أحاديثي لأصدقائي العرب والأجانب لا أتوقف عن الحديث عن هذا المكان وأدعوهم دوماً لمشاركتي في الجلوس والأحاديث هنا".


مكان كهذا بذكريات الماضي الطويلة التي لا تنسى تركت أثراً عميقاً في نفوس الجيل القديم ممن اعتادوا على زيارة المقهى مع أصدقائهم فها هو السيد محمد الوزني -65 عاماً-  بالرغم من اغترابه وإقامته في كندا ومع كل ما شاهده من تطور وتقدم في الخارج إلا أنه لم يرَ مكاناً يزيح عنه تعب الدنيا وينسيه همومها سوى مقهى الهموز, يتذكر الماضي ويقول: "كنا نأتي أنا وإخوتي وأصدقائي هنا في كل جمعة من بعد المغرب لنتسامر ونتحدث ونتناقش في أمور الوطن والتجارة, أخذتنا الدنيا بهمومها وتفرقنا ولم نعد نجتمع كثيراً إلا أننا وعند عودتنا إلى الوطن نعود مجدداً للاجتماع هنا فهذا المكان يحمل ذكريات جميلة لكلٍ منا".



بالرغم من شهرة المقهى وزواره الكثيرون من مختلف الأعمار وحبهم وتعلقهم به إلا أن الأجداد وحدهم من يعرفون قيمته الحقيقية أكثر من غيرهم, ووجود المقهى لغاية اليوم ما هو إلا دليل واضح على حرص الأجيال الجديدة على الحفاظ على كل ما يذكرهم بالماضي وإحياء روح الأصالة والعراقة فما يميز أفراد شعبنا هو عدم انسلاخهم من ثوبهم واعتزازهم بكل ما يؤكد أحقيتنا في هذه الأرض.

الاثنين، 20 مارس 2017

خبر الكتروني - ضحى

وسط دعوات لمقاطعته أسعار الدجاج ترتفع إلى حد غير مسبوق

    قفزت أسعار لحوم الدجاج فوق الـ 20 شيقلاً للكيلوغرام الواحد في أسواق نابلس وباقي محافظات الضفة, مما أثار غضب ونقمة المواطنين في ظل غلاء أسعار منتجات أخرى وعدم التزام التجار بالأسعار المتفق عليها من قبل الوزارات.

   وحسب مصادر مطلعة فإن هذا الارتفاع يعود إلى عجز التجار عن سد احتياجات المواطنين من لحوم الدجاج والنقص في كمية المعروض وأيضاً زيادة تكاليف التدفئة وزيادة الرطوبة في مزارع الدجاج.

   قالت وزيرة الاقتصاد الوطني الفلسطيني عبير عودة  ان الوزارة كانت على اطلاع حول ازمة الدجاج وقامت باتخاذ قرارات استثنائية بشأن ادخال الدجاج اللاحم من اسرائيل واكدت على ضرورة التعاطي مع هذه الازمة بشكل سريع وجدّي بسبب اهمية الدجاج لتحقيق الامن الغذائي وانه المصدر الاول للبروتين, واوضحت عودة ان هناك خطة استراتيجية وطنية لتنشيط السوق المحلي والوصول الى الاكتفاء في السوق ودعم المنتج الوطني .

   هذا وعجت مواقع التواصل الاجتماعي بهاشتاغات تصدرت منصات التفاعل بين المواطنين في دعوة لمقاطعة شراء هذا المنتج الذي ارتفعت أسعاره إلى حد غير معقول, كما انتشرت تصاميم وكاريكاتيرات تحمل عبارات وصوراً ساخرة وأخرى مستنكرة لما يحدث.

   وبناء على شكاوي المواطنين وتذمراتهم قامت وزاة الاقتصاد الوطني بتحديد السقف السعري الأعلى لكيلو الدجاج اللاحم 18 شيقل والريش 13 شيقل وفرض عقوبات رادعة على من يخالف السعر المحدد.

   ودعت جمعية حماية المستهلك في محافظة نابلس المواطنين إلى مقاطعة لحوم الدجاج بسبب عدم التزام التجار بالأسعار المحددة من قبل وزارة الاقتصاد الوطني الفلسطيني.




الأربعاء، 2 نوفمبر 2016

التعليم الدولي

التعليم الدولي.. وتهديد الهوية

قبل 18 ساعة
مما لا شك فيه أن التعليم هو أحد أهم عوامل الحفاظ على هوية المجتمعات، فمن خلال التعليم يتشرب النشء الثقافة والقيم والأفكار التي تشكل معالم شخصياتهم وتوجه انتماءاتهم.

قبل عقدين من الزمان بدأت المدارس الدولية تظهر في مجتمعاتنا العربية، بدأت ككيان غريب يتلمس طريقه، ثم ما لبست أن انتشرت وجذبت إليها أبناء الطبقة الثرية لما تقدمه من أساليب حديثة في التدريس وخدمات تعليمية وأنشطة يعجز التعليم المحلى عن توفيرها.
لقد خلقت هذه المدارس مشكلة اجتماعية لم نعهدها من قبل، حيث قسمت أبناء الجيل الواحد إلى نسيج غير متجانس، لكل فئة منهم خلفية مختلفة.
سأتحدث تحديدًا عن مصر، لن أتحدث عن تقاعس الدولة عن تطوير التعليم الذي يعد أحد ساقي العدالة الاجتماعية، ولا عن فشلها في توفير مناهج متطورة ومناخ تعليمي قادر على المنافسة، ولكنى أود أن أشير إلى الخطر الداهم الذي يكمن في مناهج التعليم الدولي.

أول هذه المخاطر هو تهميش اللغة العربية، فالأمر لا يقتصر على دراسة جميع المواد بالغة الأجنبية، ولكن أصبحت اللغة العربية مقزمة، مهمشة، لا تحظى بأي اهتمام حيث يكفي الحصول على الحد الأدنى من الدرجات للنجاح فيها. بل وأصبح الضعف في اللغة العربية أحد دواعي فخر البعض مع الأسف.


في كثير من المدارس الدولية يحظر على معلمي اللغات الأجنبية كالفرنسية والألمانية التحدث في الفصل بالغة العربية. وإن كان لا بد من اللجوء إلى لغة أخرى لشرح المادة، فلتكن الإنجليزية، ومخالفة هذه التعليمات يعد جريمة أول من يستنكرها هم التلاميذ أنفسهم.


هذا وبالإضافة إلى الرسائل المباشرة والغير مباشرة التي تتسرب إلى عقول ووجدان التلاميذ من خلال المناهج المختلفة: فعندما تتحول إسرائيل إلى المنتصر في حرب أكتوبر في مادة التاريخ. وعندما تتحول كل المدن التي يتم الاستشهاد بها في الدروس المختلفة إلى نيويورك وبوسطن ولندن وباريس، وعندما تتحول العملات في مسائل الرياضيات إلى الدولار والسنت والبنس، وعندما تتحول الأعياد إلى الكريسماس والهالوين وعيد الشكر، ندرك أننا أمام مشروع لتغريب جيل وتفريغه من هويته وأصله وانتمائه.


لقد خلقت هذه المدارس مشكلة اجتماعية لم نعهدها من قبل، حيث قسمت أبناء الجيل الواحد إلى نسيج غير متجانس، لكل فئة منهم خلفية مختلفة. وأخرجت شبابًا لا يشعر إلا بالغربة في بلده، فانتماؤه الحقيقي هناك في الطرف الآخر من الكرة الأرضية، وبالتالي يصبح جل حلمه هو السفر والهجرة.


كيف يتثنى لمجتمع بهذا الشكل الغير متجانس، الغير متوحد، الغير مجتمع على فكرة واحدة وعلى هدف واحد أن يعمل على تحقيق ذاته وعلى أن تكون له بصمة تميزه وسط الأمم.


أنا لا ألقى باللوم هنا على أولياء الأمور الذين يبحثون لأولادهم عن تعليم جيد يتسلحون به للحصول على فرص أفضل في الحياة العملية.


ولكن هل ينزلق أولياء الأمور إلى نفس ذلك الفخ؟ هل يستسلمون إلى تيار التغريب الجارف؟ أم يحاولون تعويض أبنائهم بالإرشاد والتوجيه وضبط البوصلة بين الحين والآخر؟

وما زالت الهوة تتسع وتتسع .